ستاندارد شارتر: نمو قوي للاقتصاد ومحافظة قطر على مكانتها الائتمانية القوية

في أحدث تقاريره وتوقعاته للعام 2014

ستاندارد شارتر: نمو قوي للاقتصاد ومحافظة قطر على مكانتها الائتمانية القوية

نتوقع أن يستمر الإنفاق القوي على المشاريع في العام الجديد

كتب - طارق الشيخ :

توقع بنك ستاندارد شارتر أداء أفضل للاقتصاد العالمي في العام المقبل 2014 . وتوقع أن يبلغ النمو العالمي الإجمالي 3.5٪ مرتفعاً من 2.7٪ عام 2013 . جاء ذلك في التقرير السنوي للبنك حول الحالة الاقتصادية للعالم " نظرة عالمية - بزوغ الشرق والغرب الناشئ " والذي تناول التوقعات الرئيسية للنمو الاقتصادي في العالم للعام 2014 . واعتبر أن مؤشرات النمو في أوروبا والولايات المتحدة تعتبر أخبارًا سارّة للعالم ، كما توقع أن يتجاوز النمو في اقتصادات الدول الناشئة دول الغرب وسوف يستمر هذا الاتجاه الصاعد للاقتصادات الناشئة.

وقال: إن البيئة الاقتصادية المعتدلة واستعادة عافية الاقتصادات في الولايات المتحدة وأوروبا ستكون المحرّك الرئيسي للنمو العالمي المرتفع. وكانت آسيا والدول الناشئة قد استمرّت في الأداء القوي لبعض الوقت، على الرغم من ضعف البيئة الاقتصادية العالمية.

وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط توقع البنك نموًّا قويًّا في موارد مجلس التعاون دول الخليج الغنية. على الرغم من أن علاوة المخاطر في أسعار النفط قد انخفضت بعد التحسّن الواضح لجهة المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، من المرجّح أن تظلّ أسعار النفط عند مستويات التعادل المالية.

وبالنسبة للتوقعات الاقتصادية لدولة قطر في عام 2014 قال تقرير البنك

" في قطر نتوقع انتعاش في النشاط، على الرغم من أن من المرجح أن تتسارع وتائر الاستثمارات في البنية التحتية المرتبطة باستضافتها لنهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 وذلك اعتبارًا من العام 2015 . ويعدّ توفير فرص العمل التحدي الذي يواجه كل منطقة الشرق الأوسط. كما أن هذا التحدي في دول الخليج الغنية بالنفط أقل حدّة إذ أن النشاط الاقتصادي مزدهر ، لكنها تواجه تحديًا آخر يتمثل في تشجيع مشاركة اوسع للشباب للمشاركة في التنمية والعمل بالقطاع الخاص، فالمنطقة تعتمد اعتمادًا كبيرًا على القطاع الحكومي للعمل، وهذا يبدو من غير المرجّح أن يتغيّر في عام 2014.

أسعار النفط الخام، وهو السلعة الأهم في النشاط الاقتصادي، من المرجّح أن تشهد تغييرًا طفيفًا لا يُذكر في عام 2014 . واستمرّت الأسعار على ارتفاعها في عام 2012 و 2013، خاصة بين منتجي الشرق الأوسط، وهو ما فاجأ الكثيرين الذين توقعوا بضغط ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة على أسواق النفط. وفي حين أن إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية سوف يستمر طوال عام 2014، وسوف يستمر في الضغط على الطاقة الإنتاجية الفائضة لأوبك. بالإضافة إلى ذلك، فقد أعربت المملكة العربية السعودية عن رغبتها في تحقيق التوازن في السوق وعند المستويات المرتفعة الحالية. وعلى هذا النحو، فإننا نتوقع أن تنخفض أسعار النفط على نحو طفيف فقط في عام 2014 عن مستوياتها في عام 2013. نعتقد أن المخاطر على الأسعار في اتجاه الهبوط نظرًا للتحرّكات الأخيرة وبدء حالة من الانفراج بين الولايات المتحدة وإيران . كما أن المخاطر من ارتفاع أسعار النفط - التي يمكن أن يكون سببها تصاعد التوتر في الشرق الأوسط - يبدو أنها الآن أقل مما كانت عليه في وقت سابق عام 2013 . وبالتالي، فإننا لا ننظر إلى ارتفاع أسعار النفط باعتبارها الخطر الرئيسي على النمو في عام 2014.

> قطر 2014 اعتماد استراتيجية سليمة:

التوقعات الاقتصادية لدولة قطر في عام 2014 تبدو قوية. وعلى الأرجح ان تستمر ديناميكية قطاع الغاز الطبيعي المسال على نفس نهجها الصحيح وسوف تدعم المواقف المالية والاحتياطيات القوية، ولكن ينبغي أن يكون الاقتصاد غير الهيدروكربوني المحفز وأساس النمو في عام 2014 . وتسير الالتزامات الحكومية في قطاع البنية التحتية متماشية مع سعيها لاستضافة نهائيّات كأس العالم لكرة القدم 2022 وأهداف الرؤية الوطنية طويلة المدى للعام 2030 الهامة وحقق ذلك نهوضًا اقتصاديًّا محسوسًا في الاستثمار في البنية التحتية في عام 2013 . ونتوقع ان تستمر هذه الاتجاهات في الإنفاق ولكن دون الوصول إلى ذروتها في عام 2014.

أحد التحدّيات الرئيسيّة يتمثل في إدارة ديناميّات مختلفة فيما يدخل الاقتصاد هذه المرحلة من النمو. صناع السياسات في قطر على بيّنة من التحدّيات التي تواجههم خاصة أن الاقتصاد يدخل مرحلة مهمة أخرى من تطوّره . خلال المرحلة الأولى، منذ بداية العقد الماضي حتى نهاية 2011، رفعت قطر إنتاج الغاز الطبيعي المسال واستطاعت أن تصبح أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، بإنتاج قدره 77 مليون طن سنويًّا . وتركذز المرحلة الثانية من النمو في المقام الأول على توفير البنية التحتية الأساسية اللازمة لتمكين قطر من تحقيق أهدافها من تنويع الانتاج والتنمية على المدى الطويل.

نتوقع أن تعلن قطر عن مشاريع للبنية التحتية بقيمة 24 بليون دولار خلال عام 2013 ، أي بزيادة قدرها 50٪ على عام 2012. في مايو الماضي جرى منح احد أكبر المشاريع، وهو شبكة مترو الدوحة والتي تقدر قيمة بحوالي 8 ملايين دولار لهذه المرحلة . وهذا أحد مشاريع البنية التحتية الأكثر أهمية التي يجري تنفيذها منذ سنوات، ويشير إلى أن الحكومة الآن تحول تركيزها إلى معالجة متطلبات البنية التحتية التي تشكل جزءًا من التزامات الدولة على المدى الطويل لكل من الاتحاد الدولي لكرة القدم ونهائيّات كأس العالم عام 2022 وايضا رؤية قطر 2030.

ونتوقع أن يستمر الإنفاق القوي على المشاريع في العام الجديد 2014.

وتحت مظلة استراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر، يخطط لانجاز استثمارات تقدر قيمتها بحوالي 183 مليار دولار بين عامي 2011 و 2016. ونحن نتوقع أن ما لا يقل عن 34 مليار دولار ستمنح في عام 2014 لمشاريع البنية التحتية الرئيسية. نتوقع زيادة ديناميات نمو القطاع الخاص وان ترتفع على خلفية النمو في مشاريع البنية التحتية . ونحن نقدر أن القطاع غير النفطي في قطر سينمو بنسبة 15٪ في عام 2014 مقابل 12٪ في عام 2013. كذلك نرفع قليلا من توقعاتنا بشأن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 5.5٪ فيما تتنامى الحركة التصاعدية في القطاع غير النفطي.

إن السياسات الحالية التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني امير البلاد المفدى تؤكد المضي قدمًا في تنفيذ الاستراتيجية الاقتصادية. وكذلك الحرص على غرس ثقافة يُحرّكها الأداء وتعهّدت باتخاذ إجراءات صارمة ضد الفساد والممارسات الاحتكارية. في خطاب ألقاه في مطلع نوفمبر، حدّد سمو الأمير التضخّم باعتباره شاغلاً رئيسيًّا للاقتصاد، وقال إنه سيتمّ استخدام سياسة نقدية ومالية لاحتوائه. وشدّد أيضًا على الحاجة إلى ربط وتبسيط المشاريع المحلية لتجنب الضغط على المدى القريب الذي يقود الى تحديات القدرات والتكلفة.

وأخيرًا، قال: إن الحكومة ستُراقب عن كثب منح العقود رأس المال والتعاقدات للإنشاء لضمان تسعيرها بنزاهة وتجنب الهدر المالي .

وفي رأينا، أن المخاطر الثلاث التي حدّدها سمو الأمير تتماشى مع التحدّيات الرئيسيّة على المدى القريب في قطر. وحقيقة أنه قد تمّ تحديد هذه المخاطر وعلى أعلى مستوى من القيادة يعكس نهجًا سياسيًّا واستباقيًّا ناضجًا سيكون له أثره من حيث النمو في قطر عام 2014 . لقد كانت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي في قطر نحو 70٪ في عام 2012، في حين بلغ الدين الحكومي العام حوالي 33.4٪. ووفقًا لمعهد التمويل الدولي فإن وضع الأصول الخارجية الصافية لقطر ينبغي أن يرتفع إلى 345 بليون دولار في عام 2014 من 295 بليون دولار في عام 2013. ونحن نقدر الديون الخارجية لدولة قطر في نهاية العام 2013 بحوالي 140 بليون دولار .

نتوقع تعزيز حركيّة الدين في قطر على مدى السنوات الخمس المقبلة بنجاح قطاع الغاز الطبيعي المسال في وضع معظم صادراتها إلى الأسواق الآسيوية، ما يُعوّض ظروف السوق الصعبة في أمريكا الشمالية وأوروبا.

وفي رأينا ان هناك قضايا أخرى تمثل تحديًا رئيسيًّا للاقتصاد القطري في عام 2014 مثل التضخم. وتبدو مسألة ارتفاع الإيجارات على الأرجح كمحرّك رئيسي للتضخّم ونتوقع أن تبدأ في الارتفاع في العام المقبل. ونعتقد أن هذا سيتم مدفوعًا بحجم خط المشاريع في قطر، والتي سوف تتطلب تدفق العاملين الأجانب، وتوليد تجمع جديد من المستأجرين. البيانات السكانية من جهاز الإحصاء في قطر يدلّ على أن عدد السكان ارتفع من 676،000 إلى 1.71 مليون بين عامي 2002 و 2011. وقد قادت طفرة الغاز الطبيعي المسال هذه الزيادة للارتفاع بنسبة 153٪. ونتوقع أن مرحلة جديدة من الاستثمار سوف تجلب معها زيادة أخرى في السكان، ويتوقع أن يرتفع عدد سكان قطر ليصل إلى 2 مليون شخص قبل نهاية عام 2015.

في سبتمبر ارتفعت مؤشرات أسعار المستهلك في قطر. وارتفع معدل التضخّم العام في شهر أغسطس، بما في ذلك الإيجار، و بنسبة 2.7 ٪ (بزيادة 1.5 ٪ باستثناء الإيجارات) . ونحن نحافظ على توقعات التضخّم لقطر عام 2014 بحوالي 3.5٪ ، بعد أن كانت في سبتمبر 2.5 ٪، وذلك بالنظر إلى ديناميات النمو الأكثر إيجابية والمتعلقة بالسكان والقوى العاملة.

وعن توقعات السوق نتوقع محافظة قطر على مكانتها الائتمانية القوية خلال العام المقبل.

يعطيـــكـ الفـ عــافيــهـ