اقتصاديون: البورصة القطرية بحاجة لخطة طموحة للنهوض بحجم التداولات
27 سبتمبر 2014 03:17 م
دعا اقتصاديون إدارة البورصة إلى تبني استراتيجية طموحة للنهوض بحجم التداولات والعمل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتحسين الوضع المالي، بما يتناسب مع التطورات الإيجابية التي شهدتها الفترة الأخيرة.
وأوضحوا ـ بحسب "الراية" ـ أنه على الرغم من أن الإجراءات المتبعة حاليًا تعد إيجابية، إلا أن زيادة وتيرة التداول ستتطلب خطوات إضافية منها زيادة الأسهم المتاحة للتداول وعرض أسهم مملوكة للحكومة للتداول بالإضافة إلى عمليات الشراء بالهامش والإقراض والاقتراض.
وأشاروا إلى أن توجه إدارة البورصة لبحث زيادة سيولة السوق من شأنها تنشيط التداول لكن ذلك يتطلب المزيد من الجهود لانتقال البورصة من الإقليمية إلى العالمية.
وقالوا: إن إدارة السوق تسعى إلى جذب المزيد من السيولة من خلال عزمها إجراء مشاورات بداية الشهر المقبل لتعزيز السيولة وتعديل منهجية المؤشر من أجل زيادة القيمة السوقية وجعلها أكثر نشاطًا على مستوى منطقة الخليج والشرق الأوسط، مشيرين إلى أن تعزيز سيولة السوق يطلب زيادة عدد الأسهم الحرة القابلة للتداول لامتصاص الفائض من هذه السيولة وحتى لا تتكون فجوات سعرية نتيجة زياد الطلب على الأسهم المتاحة.
وأشاروا إلى أن زيادة عدد الأسهم المتاحة للتداول تتم بعدة طرق منها رفع نسب تملك الأجانب في الشركات، بالإضافة إلى العمل على تجزئة الأسهم لتوفير أسهم بأسعار مناسبة لجميع الفئات.
وقد أشارت البورصة في بيان لها الأسبوع الماضي إلى أنها ستقوم اعتبارًا من شهر أكتوبر المقبل بإجراء مشاورات مع الأعضاء المشاركين في السوق ومصدّري الأوراق المالية بهدف تحسين السيولة في السوق. وعقب تلك المشاورات ستقوم لجنة المؤشر المستقلة المشكلة برئاسة الدكتور سيف سعيد السويدي وعضوية ممثلين عن شركات الوساطة وشركات المساهمة بالإضافة إلى عضو مراقب يمثل هيئة قطر للأسواق المالية بعقد عدة اجتماعات خلال شهر أكتوبر المقبل لإجراء مراجعة للمنهجية المتبعة في إعداد مؤشرات البورصة وتحديد معايير دخول وخروج الشركات وتحديد أوزانها في كل منها بحيث يتم الإعلان عن المنهجية الجديدة خلال شهر نوفمبر 2014 وتطبيقها فعليًا في الأول من شهر يناير 2015.
ويرى الخبراء أنه من المتوقع أن تنتج عن هذه المشاورات خطوات عملية تهدف إلى تعزيز تداولات البورصة وتحسين سيولة السوق من خلال إدخال منتجات جديدة للسوق بالإضافة إلى تنشيط مزودي السيولة ومشاركة عدد من الشركات البنوك في هذا النشاط، مشيرين إلى أن تعديل منهجية مؤشر السوق سيكون له دور كبير تطوير السوق، وسيكون أكثر تمثيلاً لحركة تداول السوق.
وقد وافقت هيئة قطر للأسواق المالية العام الماضي على منح الترخيص لشركات الخدمات المالية الأعضاء في بورصة قطر من أجل ممارسة نشاط تزويد السيولة وتقديم أسعار مستمرّة لشراء أو بيع ورقة مالية معيّنة بغرض زيادة سيولتها وفق الضوابط والشروط الواردة في اتفاقية مزوّد السيولة. وقد تمكنت المجموعة للأوراق المالية من الحصول على أول ترخيص لمزاولة نشاط تزويد السيولة في حين يُتوقع قيام المزيد من الشركات بتقديم هذه الخدمات في الأشهر القليلة المقبلة.
المحرّك الأساسي
وقال الخبراء: إن السيولة تمثل المحرّك الأساسي للاقتصاد الكلي وتعتبر بمثابة الأكسجين لأسواق المال فمن خلالها سيستطيع مؤشر الأسواق أن يتنفس، ومن خلال السيولة أيضًا تدب الحياة في أوصال السوق وتنتعش حركة التداول والسيولة أيضًا تخرج الكثير من المستثمرين والمضاربين حتى الأفراد من ثباتهم وتدفعهم إلى الدخول في معترك التداولات، لذلك قامت العديد من الحكومات بضخ سيولة إضافية في شرايين الاقتصاد للتغلب على حالة الركود التي سيطرت على معظم أسواق المال العالمية.
وأوضح الخبراء أن ارتفاع السيولة يمثل الطريق الوحيد لتخطي حواجز الدعم أو المقاومة مشيدين بالدور الذي تقوم به إدارة البورصة لجذب المزيد من السيولة من خلال عدة محاور منها نظام التداول الجديد بالإضافة لطرح أدوات مالية جديدة.
استثمارات أجنبية
وتوقع المحللون أن تستقطب بورصة قطر استثمارات أجنبية ضخمة للشركات القطرية المُدرجة، معتبرين أن القرارات الخاصة بإدخال أدوات استثمارية جديدة بالإضافة إلى السماح لبنوك بشراء الأسهم سيزيد من جاذبية الأسهم القطرية.
وأجمعوا على أن قوة الاقتصاد والنمو القياسي المتوقع أن يسجله للعام الجاري كأفضل الاقتصاديات العالمية نموًا سيأخذ الشركات القطرية إلى مرحلة جديدة، كما أجمعوا على أن إدارة البورصة تسعى دائمًا إلى الاستعانة بأحدث التكنولوجيا وأنظمة التداول التي ستستخدم للمرة الأولى في بورصات المنطقة علاوة على إدراج أدوات مالية جديدة ربما تكون الأولى في المنطقة مثل تداول المشتقات وغيرها من الأدوات المالية غير المعروفة في المنطقة.
تحسين عمق السوق
وفي هذا السياق قال المستثمر عبد الحمن الهيدوس: إن السوق شهد العديد من التطورات المهمة العام الحالي وذلك من خلال انضمامه إلى مؤشر "مرغان استنانلي" للأسواق الناشئة، وهو ما يجعل السوق المالي محط أنظار المؤسسات العالمية.
وأشار إلى أن هذا التطور يطلب اتخاذ الكثير من الإجراءات التي تهدف إلي زيادة عمق السوق وتعزيز التداولات به بالإضافة إلى استحداث بعض التشريعات التي تصب في مصلحة السوق وتعمل على جذب سيولة جديدة للسوق.
وتوقع أن تطلق إدارة السوق بعض المنتجات الجديدة لتحسين أداء السوق بشكل عام، ومنها صناديق الاستثمار العقارية، وكذلك صناديق الاستثمار المتداولة والتداول بالهامش والإقراض والاقتراض، مشيرًا إلى أن البورصة سوف تناقش خلال أكتوبر المقبل عددًا من المبادرات التي تسهم بشكل كبير في زيادة السيولة في السوق، وأعرب عن أمله في أن تتمكن إدارة البورصة من إطلاق هذه المبادرات في القريب العاجل وذلك بعد موافقة هيئة قطر للأسواق المالية عليها.
وأشار إلى أن الخطوات التي تعتزم إدارة البورصة إطلاقها ستدفع باتجاه استقطاب مزيد من تدفقات رأس المال وزيادة السيولة، معربًا عن أمله في ضمان مستقبل أفضل للسوق المالي المحلي من حيث كمية الأسهم المدرجة وطرح إدراجات جديدة لضخ "دماء مالية جديدة" في السوق على حد تعبيره، إلى جانب تطوير التشريعات الكفيلة بجعل السوق المحلي اكثر جاذبية لجميع المستثمرين ورجال الأعمال.
تطوير الأدوات الاستثمارية
ويتفق أسامة عبد العزيز شريك استثمارات مالية بشركة "مزارز قطر" مع رأي الهيدوس على أهمية تطوير الأدوات الاستثمارية في السوق وإدخال منتجات جديدة لتعزيز التداولات، ويرى أن من مؤشرات تحسّن أداء البورصة هو، أن التداولات لم تعد حكرًا على الشركات الكبيرة، بل في كثير من الجلسات قادت أسهم الشركات الصغيرة دفة التداولات.
وأكد على ضرورة حدوث تغييرات تعمل على ضخ سيولة من جديد بالسوق الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن هذا يستلزم صياغة مناخ استثماري طبيعي بالبورصة وتشديد الرقابة قدر الإمكان مع حماية التداولات من أي مخاطر، بالإضافة إلى العمل على الترويج للبورصة على كافة الصُعُد والمستويات.
ونوه إلى أن السيولة تعد مؤشرًا مهمًا لأي متداول، فارتفاع السيولة يوضّح توجه مؤشر السوق سواء بالارتفاع أو الانخفاض، مشيرًا إلى أن ارتفاع قيم التداول داخل أسواق المال يوضّح مدى الزخم في التعاملات وعودة الكثير من المستثمرين إلى صالات التداول بعد أن ابتعدوا عنها الفترات الماضية.
وقال عبد العزيز: إن ارتفاع السيولة في السوق المالي دليل آخر على عودة الثقة للمستثمرين داخل السوق، وهو ما أسهم في تخطي مؤشر السوق القطري الكثير من حواجز المقاومة التي كان من الصعب عليه تخطيها في ظل أحجام وقيم تداول ضعيفة.
ولفت إلى أن أحجام وقيم التداول في بورصة قطر تحسّنت داخل السوق الفترة الماضية، وسط دخول سيولة جديدة، أتاحت فرصًا جيّدة للمضاربين وشجّعتهم على الدخول، وهو ما رفع قيمة التداول لنحو نصف مليون ريال في بعض الجلسات.
وأكد أن الإجراءات التي تعزم بورصة قطر اتخاذها لعزيز سيولة السوق تتطلب زيادة الأسهم الحرة القابلة للتداول، كي تمتص السيولة الفائضة وحتى لا تتكون فجوات سعرية لنتيجة لزيادة الطلب على الأسهم.
وقال عبد العزيز إن زيادة الأسهم الحرة بالسوق تتم بوسائل متعدّدة ومنها إدراج شركات جديدة في السوق بالإضافة إلى زيادة حصص تملك الأجانب بالشركات، وكذلك تجزئة الأسهم.
ونوه إلى أن الاقتصاد القطري نما بشكل كبير جدًا في السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن بورصة قطر استفادت كثيرًا من قوة الاقتصاد القطري، لتحتل البورصة المرتبة الأولى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العامين الماضيين من حيث الأداء، وأوضح أن قوة الاقتصاد القطري انعكست أيضًا على الشركات العاملة بالسوق لتحقق الأخيرة أرباحًا قوية وتوزيعات قياسية تحتل بها المرتبة الثامنة عالميًا من حيث التوزيعات، وأشار إلى أن إدارة البورصة تطبق إستراتيجية من 3 إلى 5 سنوات، بهدف الانتقال ببورصة قطر لمصاف الأسواق العالمية.
مصلحة المستثمرين
وقال عبد العزيز: إن الإجراءات التي تعتزم إدارة السوق اتخاذها الفترة المقبلة تصب بكل تأكيد في مصلحة البورصة ومصلحة المستثمرين وتعتبر خطوة نحو مواكبة بورصة قطر لاقتصادها القوي، مشيرًا إلى أن دخول أدوات استثمارية جديدة للسوق سيتيح نواة استثمارية جديدة أمام المستثمرين وتؤدي لدخول لاعبين جدد أكثر احترافية وهو ما سينعكس على أداء السوق ككل ويشجع الاستثمارات الأجنبية على زيادة حجم استثماراتها في السوق.
مراقبة أنشطة الشركات
وأكد أن دخول أدوات استثمارية جديدة سينقل البورصة من المحلية إلى العالمية وهذا بدوره سيسهم في جذب مزيد من السيولة إلى السوق وسيؤدي ذلك القرار إلى دخول مستثمرين دوليين يتداولون معها في أسواقها إذا ما وفّرت لهم الأنظمة والفرص الاستثمارية المغرية في السوق القطرية وهو ما سيزيد من جاذبية الأسهم القطرية التي من المتوقع أن تشهد عمليات دخول وخروج الأموال في الاتجاهين من الخارج إلى الداخل ومن الداخل إلى الخارج حيث ستحاول الإدارة الجديدة استقطاب الاستثمارات الأجنبية للاستثمار في الأسهم القطرية وفي الوقت ذاته إقناع المستثمرين القطريين والخليجيين بالاستثمار في أسواقها الرئيسية.