دول كبرى تنظر بريبة لمستقبل دور العملة الأميركية
تزعزع الثقة بالدولار رغم استمرار ريادته العالمية
2013-10-19
أدت المواجهة حول الدين في الولايات المتحدة إلى زعزعة الثقة في إدارة واشنطن المالية وفي الدولار كعملة عالمية موثوقة، لكن المحللين في آسيا يؤكدون أنه لا بديل عن العملة الخضراء.
وانتقدت الصين واليابان، أكبر مالكي سندات الخزينة الأميركية، التعطيل السياسي في البرلمان وحذرتا من أن التخلف عن السداد الذي تم تجنبه في اللحظة الأخيرة كان سيزعزع الاقتصاد العالمي ويهدد استثماراتهما الكبيرة في الدين الأميركي وقيمتها 2.4 تريليون دولار.
وتوصل النواب الأميركيون الأربعاء إلى اتفاق مؤقت لرفع سقف الدين.
لكن المواجهة السياسية نسفت «مصداقية العملة الخضراء كعملة احتياط عالمية موثوقة، وهي سبق أن بدأت تعاني بسبب عمليات طبع متكررة للعملة» على ما أفادت صحيفة ذي أوستراليان في إشارة إلى خطة الاحتياطي الأميركي (البنك المركزي) لشراء سندات بقيمة 85 مليون دولار شهرياً.
وحذرت من أنه إذا ما كانت واشنطن غير قادرة أو لا ترى تولي أعبائها، فسيبادر آخرون إلى ملء الفراغ.
وقالت الصحيفة إن «السلطات الصينية تتوق إلى أن تقوم عملتها بدور أكبر في سوق أسهم الاحتياط العالمية».
«ففيما تناشد بكين علناً السياسيين الأميركيين رفع سقف دين بلادهم، فإنه يسعدها ضمناً الاستقرار النسبي لعملتها اليوان».
تغيير النظرة
ودعت وكالة شينخوا الرسمية الصينية إلى «عالم غير متأمرك» فيما انتقدت جلوبال تايمز المتحدثة باسم الحكومة «عدم القدرة على الاعتماد على الولايات المتحدة» محذرة من أن وضع البلاد كقوة عظمى بات مهدداً. وقالت جلوبال تايمز في مقالة إن الصين «تملك قدرة هائلة على الدخول في منافسة مع العم سام نظراً إلى أن هذا الحجم الهائل من الدين الوطني يعني مستوى معيناً من التأثير». وواجه الدولار عدة تحديات منذ احتلاله مكانة الجنيه الإسترليني في موقع العملة الأساسية في التجارة العالمية في القرن الفائت.
واتخذت الصين مبادرات لتعزيز مكانة اليوان في التبادلات التجارية، لكن هذه العملة لا يمكن تحويلها بحرية إلى العملات الرئيسية الأخرى ما يعرقل أي تحدٍ للدولار بحسب محللين. وندد الرئيس الأميركي باراك أوباما أول أمس الخميس بعواقب المواجهة في الكونجرس التي أدت إلى شلل حكومي استمر أسبوعين.
وصرح «على الأرجح لا شيء أضر بمصداقية الولايات المتحدة في العالم ومكانتنا أمام دول أخرى أكثر من المشهد الذي تابعناه في الأسابيع الأخيرة».
«لقد شجع أعداءنا وعزز منافسينا وأحبط أصدقاءنا الذين يتطلعون إلينا من أجل قيادة مستقرة».
وانتهت المواجهة الحادة قبل ساعات من مهلة الخميس مع إقرار قانون يمدد قدرة الخزانة الأميركية على الاقتراض حتى 7 فبراير بما يوفر التمويل للحكومة حتى منتصف يناير.
وهذا الاتفاق كان محورياً كي تحصل واشنطن على كفايتها من المال للوفاء بالتزاماتها وتسديد المستحقات المتوجبة عيها نتيجة بيع الخزانة الدين لدور مالية وشركات وحكومات حول العالم.
آثار جانبية
وشعر بأزمة الدين المالية في الصين التي تعتبر الاقتصاد الثاني عالمياً وأكبر مالك أجنبي لديون أميركية، فيما بدا التوتر في اليابان وهي المقرض الثاني عالمياً للولايات المتحدة.
وحذر مسؤولون يابانيون من «تبعات» على الاقتصاد العالمي في حال عدم رفع سقف الدين فيما أكد حاكم البنك المركزي الياباني على ضرورة «تبديد الشكوك حول السياسة المالية الأميركية».
لكن الاتفاق المبرم لقي نوعاً من التسليم وسط إدراك بأن العالم يمكن بسهولة أن يصبح رهينة مجدداً بعد أشهر.
وصرح كبير اقتصاديي معهد «أن.أل.أي» للأبحاث في طوكيو سوسومو دويهارا أن «التسوية ليست إلا تأجيلا لحل المشكلة».
ولا يمكن للعالم إلا أن يرحب ويأمل أن ترتب الولايات المتحدة أوضاعها الداخلية.
وأضاف «لا أعتقد أن وضع السندات الأميركية كأسهم آمنة سيتغير.. فما من بديل».