الاندماج في الاقتصاد العالمي يرفع توقّعات النمو بالمنطقة .. QNB:
30 مليار دولار إنفاق قطر على مشاريع البنى التحتية
دول التعاون تعمل كقاطرة للنموّ للدول الأخرى
ارتفاع إنتاج وأسعار النفط والغاز يزيد من عائدات الصادرات
الدوحة ـ الراية:
أكّدت تحليلات مجموعة QNB، أنه بإمكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (باستثناء دول مجلس التعاون) أن ترفع من توقّعات النموّ الإقليميّ في المدى الطويل بمزيد من الاندماج في الاقتصاد العالميّ عن طريق المزيد من الانفتاح التجاريّ وتعزيز القدرات التنافسية. كما أن قصة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (منطقة مينا) هي قصة منطقتين: منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بدون دول مجلس التعاون، ومنطقة دول مجلس التعاون الخليجي التي تعمل كقاطرة للنموّ بالنسبة للدول الأخرى. لقد أدّى ارتفاع إنتاج وأسعار النفط والغاز إلى زيادة عائدات الصادرات والإيرادات المالية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وهو الأمر الذي مكّن دول هذه المنطقة من المضيّ قدمًا بخطط ومشاريع ضخمة للإنفاق على البنى التحتية.
ومن المقدّر أن يبلغ الإنفاق على هذه المشاريع خلال عام 2014 مبلغ 30 مليار دولار أمريكي في دولة قطر، و25 مليار دولار أمريكي في الكويت. وفي نفس الوقت، فإنه من المؤكّد أن يؤدي فوز إمارة دبي بتنظيم معرض إكسبو 2020 بالإضافة إلى عدد من التطويرات العقارية الجديدة إلى إنعاش الإنفاق في الإمارات العربية المتحدة. كما أن الحكومة السعودية ستنفق بمفردها من موازنة الدولة 50 مليار دولار أمريكي على مشاريع البنية التحتية، ولا يشمل ذلك الإنفاق الضخم على المشاريع من قبل القطاع الخاص والشركات الحكومية. أما منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- بدون دول مجلس التعاون- فإن النموّ فيها سيتوقف على تغلب دولها على مشكلاتها السياسية، وتحرير تجارتها، وتحسين قدراتها التنافسية، بحسب تحليلات مجموعة QNB.
وفي الواقع، فإن دول مجلس التعاون الخليجي تقود المنطقة من حيث الاندماج في الاقتصاد العالمي عن طريق الانفتاح التجاري والقدرة التنافسية. ومع ذلك، فإن من المرجح أن تعود الإصلاحات الهيكلية التي تستهدف تحرير التجارة والاستثمار في المدى الطويل بقدر من النمو الاقتصادي في كامل منطقة مينا، وفقًا لتحليلات مجموعة QNB.
هذا، وتقدّر مجموعة QNB أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2013 كان بنسبة 3,7%، مقارنًا بنسبة 1,2% في بقية منطقة مينا. وتبدو نسبة النمو هذه ضعيفة نسبيًا عند مقارنتها بالقدرات الكامنة لمنطقة مينا ومتوسط نموها الذي كان بحدود 5% أو أعلى. ولكن من المؤكد أن عددًا من دول منطقة مينا- بخلاف دول مجلس التعاون- تعيش مرحلة تحوّلات سياسية وما يصاحب ذلك من مشكلات تعيق الاستثمار، وتضعف النمو في المدى القصير، وتؤخّر عمليات الإصلاح التي تحتاجها هذه البلدان بشدة. إلا أنّ بعض التحسّن التدريجيّ في المآلات السياسيّة لبعض هذه الدول، علاوة على النتائج الإيجابيّة المتوقّعة من الإصلاحات الاقتصاديّة، يبقي بعض الآمال في تحقّق نموّ أعلى على المديين القصير والطويل على نطاق المنطقة.
ومن جهة أخرى، يمكن قياس مستوى الاندماج في الاقتصاد العالمي بدرجة الانفتاح التجاري التي يتمّ تحديدها بناتج مجموع الصادرات والواردات من السلع والخدمات مقسومًا على الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية. ووفقًا لهذا المقياس، فإن هناك علاقة إيجابية قوية بين ارتفاع درجة الاندماج في الاقتصاد العالمي وارتفاع معدّل النمو في المدى الطويل.
وتواصل دول مجلس التعاون الخليجي احتلالها صدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويعود ذلك جزئيًا لضخامة قطاعات النفط والغاز بهذه البلدان. ولكن ما زالت هناك مساحة لمزيد من العمل باتجاه الانفتاح والاندماج في الاقتصاد العالمي في كل من دول مجلس التعاون وبقية منطقة بالمقارنة مع روّاد العالم في الانفتاح التجاري، كسنغافورة على سبيل المثال.
ويشير ما ذكرناه إلى أن تحقيق المزيد من الانفتاح التجاري يتوقّع معه مردود أكبر من النموّ الاقتصاديّ في المدى الطويل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما يمكن الوصول إليه عن طريق سنّ التشريعات والسياسات التي تقضي بإزالة الحواجز التجارية.
الانفتاح التجاري
وفي السياق ذاته ، تعدّ القدرة التنافسية واحدة من الركائز الأساسية للاندماج في الاقتصاد العالمي. ويوضح مؤشر التنافسية العالمية لعام 2013-2014 للمنتدى الاقتصادي العالمي أن دول مجلس التعاون الخليجي تأتي ضمن مجموعة الصدارة، بينما تأتي بقية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متأخرة كثيرًا في الترتيب، وهو ما يعكس بجلاء صورة النموّ الاقتصاديّ في منطقة مينا.
وقد حدّد تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي المجالات التي يمكن أن تعزّز فيها القدرة التنافسية: المؤسسات الحكومية، وأسواق العمل في شمال إفريقيا، والبنى التحتية، وميادين الابتكار. ويمكن للإصلاحات الهيكلية الموجّهة لتحسين القدرة التنافسية في هذه المجالات أن تقود لتحقيق نموّ عالٍ ومستدامٍ. كما أنه من المرجح أن تؤدّي زيادة الجهود في اجتذاب الاستثمارات لمشاريع البنى التحتية، بما فيها دول مجلس التعاون، إلى تحقيق عائد تنموي مرتفع على نطاق المنطقة، حسب تحليلات مجموعة QNB.
وفي منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، أيضًا، سيستمرّ الاستثمار في برامج البنى التحتية الكبرى في قيادة الانفتاح التجاري من خلال زيادة الواردات. كما أن المزيد من الإصلاحات الهيكلية الموجهة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية في مجالات البنية التحتية والتعليم والابتكار سيكون له مكاسب طويلة الأجل في تعزيز الانفتاح التجاري والقدرة التنافسية. وبالرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي قد شرعت سلفًا في الاستثمار بقوّة في هذه المجالات، إلا أن بإمكان هذه المنطقة أن تحقّق أعلى المعايير العالميّة في هذا الخصوص من خلال المزيد من التحرير الاقتصاديّ وتقديم المزيد من الحوافز الاستثماريّة.
وفي المدى القصير، ستستمرّ دول مجلس التعاون الخليجي في قيادة النموّ بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولا سيما من خلال الاستثمار القويّ في البنى التحتية. وخلال العام القادم، يتوقّع للإنفاق الضخم في المشاريع الكبرى أن يدفع بالنموّ على نطاق منطقة مجلس التعاون الخليجيّ.