قطر المرشح الأول لإنقاذ أوروبا من قبضة الغاز الروسي
تداعيات الأزمة الأوكرانية تدفع أوروبا للبحث عن بدائل آمنة
منذ 5 ساعات
الغاز القطري قد يقلل من اعتماد اوروبا على الغاز الروسي
لندن - هويدا باز
ربما كان من تداعيات الأزمة الأوكرانية التي يبدو أنه لا حل يلوح لها في الأفق، هو ارتفاع الاصوات الأوروبية مجدداً وبقوة مطالبة بإيجاد بديل لاعتماد القارة العجوز على الغاز القادم من روسيا، والذي يبدو السلاح الأقوى في يد موسكو في ظل صراعها مع دول أوروبا، الذي جعله ضم الروس لشبه جزيرة القرم اكثر بروزا من اي وقت مضى.
وفي ظل البحث عن الخيارات الأوربية للاستغناء عن غاز روسيا يبدو الشريك القطري المرشح الابرز، ضمن سعي القارة للبديل وفي وقت أثبت فيه الشريك القطري أنه شريك يعتمد عليه عبر التجربة الأبرز في هذا المجال، وهي الشراكة الاستراتيجية مع المملكة المتحدة التي يتوقع لها ان تمتد لعقود طويلة قادمة، حيث توفر قطر للمملكة المتحدة مايصل إلى ثلث استهلاكها من الغاز الطببيعي المسال، ووفقا لخبراء في مجال الطاقة، فإن قطر التي تعد المصدر الأول للغاز الطبيعي المسال في العالم ربما لن تحل محل روسيا في مجال تصدير الغاز للقارة الأوروبية، لكنها يمكن ان تساعد في تقليل الاعتماد الاوروبي على الغاز القادم من روسيا، ومن وجهة نظر المراقبين فإن قطر ستكون اللاعب الأكبر في هذا المجال، وفي مقابل مساعدتها للاوروبيين على تخفيف الاعتماد على الغاز الروسي، فإنها ستحصل ايضا على وضع دبلوماسي مميز لدى القارة الأوروبية في مجال شراكة تعد استراتيجية وطويلة الأمد.
خبراء طاقة: قطر ثاني أكبر بلد مصدر للغاز في العالم بعد روسيا نفسها .. وتدخل قطر سيمنحها وضعاً دبلوماسياً تفضيلياً في أوروبا
نقل الغاز عبر أوكرانيا
وربما كان من حسن حظ أوروبا أن الأزمة الأوكرانية لم تتفجر قبل الآن بسنوات إذ أن الاعتماد الأوربي على الغاز الروسي العابر لأراضي أوكرانيا كان في أوجه قبل عدة سنوات، ففي عام 2006 كانت نسبة 80% من الغاز الروسي القادم لأوروبا تعبر الأراضي الأوكرانية لكن النسبة انخفضت إلى 50% في العام الماضي 2013 بعد عامين فقط من تدشين خط أنابيب "نورد ستريم للغاز"، والذي يمتد من " فيبورج" الروسية إلى "ساسنيتز" في ألمانيا عبر بحر البلطيق متفاديا أراضي أوكرانيا.
مشروع "ساوث ستيم"
وكانت كل من روسيا والاتحاد الأوربي قد بدأتا العام الماضي أيضا مشروعاً مماثلاً لنقل الغاز من روسيا إلى أوروبا يعرف بمشروع "ساوث ستيم" ويهدف إلى نقل الغاز عبر أنابيب من روسيا إلى بلغاريا عبر البحر الأسود وهو ما يمكن أن يزيد من حجم التجارة في الطاقة بين روسيا والاتحاد الأوربي أيضا متفاديا المرور عبر أوكرانيا التي تشهد حالياً توتراً شديداً، ورغم الحماس الشديد الذي كان واضحا للمشروع من كلا الطرفين إلا أن التوتر الحاصل حاليا بين روسيا والاتحاد الأوربي يهدد بتقويضه، لكن الشركات الأوروبية المشاركة في المشروع كانت لها ردود فعل مختلفة تجاهه..
فرص قطر
ووفقاً لخبراء، فإن معظم الفرص الواعدة بالنسبة لقطر في مجال تخفيف الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي في المدى القريب، تقع في وسط وشرق أوروبا حيث يزداد الاعتماد على الغاز الروسي وحيث تتزايد المعارضة السياسية لموسكو أيضا، ورغم أن بولندا على سبيل المثال تعتمد على نسبة 60% من وارداتها من الغاز على روسيا فإنها اتخذت خطوات جادة وقوية باتجاه شراء الغاز من دول أخرى على رأسها قطر ويتوقع أن تستقبل محطة "سينوشي" البولندية للغاز الطبيعي الغاز القطري اعتبارا من العام القادم 2015 بعد إتمام بنائها في ميناء "سينوشي" شمال غرب بولندا، وبجانب بولندا فإن فرص قطر في تصدير الغاز لأوروبا الشرقية تتزايد في كل من أستونيا وليتوانيا اللتين استثمرتا كثيرا في مجال البنية التحتية الخاصة بالغاز الطبيعي المسال.
سعي القارة الأوروبية للبديل القطري في الوقت أثبت فيه الشريك القطري أنه شريك يعتمد عليه عبر التجربة الأبرز في هذا المجال وهي الشراكة الاستراتيجية مع المملكة المتحدة التي يتوقع لها ان تمتد لعقود طويلة قادمة
الإحتياطات القطرية
ويرى خبراء الطاقة أنه ورغم صغر مساحة قطر مقارنة بروسيا إلا أن الاحتياطات القطرية من الغاز تصل إلى نصف الاحتياطات الروسية وهو مايجعل من قطر ثاني أكبر بلد مصدر للغاز في العالم بعد روسيا نفسها، لكن الخبراء أنفسهم لا يتوقعون أن تحتل قطر مكان روسيا بشكل أو بآخر فيما يتعلق بصادرات الغاز لأوروبا.. ويرى هؤلاء أن الحصة الكبيرة لروسيا في السوق الأوربي والاعتماد الاقتصادي المتبادل بينهما يجعل روسيا تبيع الغاز لأوروبا بأسعار أقل بكثير من تلك التي يمكن أن تقبل بها قطر ويشير هؤلاء إلى أن قطر لديها أسواق أخرى مفتوحة في أنحاء آسيا من الصين إلى الهند واليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية، وهو ما يجعلها غير معتمدة كثيرا على صادرات مع أوروبا وغير قابلة لتخفيض أسعارها التي تلقى قبولا في العديد من بلدان القارة الأسيوية.
مساعدة قطر لأوروبا
لكن ومع كل ذلك التحليل، تبقى إمكانية مساعدة قطر لأوروبا في الخروج من قبضة التحكم الروسي قائمة بالفعل وكما يقول البعض فإنه وفي حالة حدوث ذلك فإنه ستكون له تداعياته الكبيرة على السياسة والاقتصاد الروسيين اللذين قد يعانيان كثيراً إذ أنه سيفقد الدبلوماسية الروسية سطوتها على القرار الأوروبي في حين سيمنح قطر وضعاً تفضيلياً في الدبلوماسية الأوربية .